كان باسل مُنهمكًا بإعداد التجهيزات اللازمة كي نبدأ البث المُباشر. وكانت المقاعد قد اصطفّت في تلك الغرفة التي ضمّت لفترة وجيزة نشاطات “هاكر سبيس”، وهو اسم المكان الذي أطلقه باسل على المُبادرة التي أنشأها في دمشق، وتهدف إلى إقامة نشاطات علمية وتقنية وفنّية، يقوم الشّباب المُهتمّون أنفسهم بتحضيرها والمُشاركة بها.
“هاكر سبيس” كان مكانًا لاستضافة هذه النّشاطات في دمشق، وقد كابدَ باسل مشقّةً كبيرةً وعرّض نفسه لمتاعب جمّة كي يتمكّن من الحصول على الترخيص اللازم لافتتاح المكان. في بلدٍ تحتاج فيها إلى موافقة أمنية لإقامة حفلة عرس، يُمكن لك أن تتخيّل بأن افتتاح مثل هذا النّشاط الجديد والمُختلف في قلب دمشق يحتاج إلى قدرٍ غير تقليديٍ من الجهد والعمل.
لكنّ باسل نجح في ذلك، وافتتح مُبادرته، وكان مُنهمكًا بإعداد التجهيزات اللازمة كي نبدأ البث المُباشر. لقد كان البث -حسبما أذكر- هو لجلسة مُخصصة للتعريف بمُبادرة المشاع الإبداعي Creative Commons التي كان باسل من أبرز وجوهها في سوريا، وحول العالم.
كان باسل مُنهمكًا بإعداد التجهيزات اللازمة كي نبدأ البث المُباشر. قد تبدو لك هذه معلومة عادية عابرة. لكننا الآن في العام 2010، في دمشق، وعلى اتّصال إنترنت مُتواضع لكنّه أفضل ما يُمكن أن تحصل عليه في سوريا، وهُناك شاب مُتحمّس يُدعى باسل الصفدي، يرتدي قميص Creative Commons، وقد أطلق دعوة مفتوحة على تويتر دعى فيها من يشاء من الشّباب الدمشقي للحضور والمُشاركة في جلسة للتعريف بالمُبادرة، وللحديث عن مُجتمع المصادر المفتوحة والحُرّية التي تُقدّمها. ومن لم يستطع الحضور، يُمكن له مُشاهدة البث المُباشر الذي أصر باسل على تقديمه رغم أن سرعات الاتّصال بالإنترنت في سوريا لم تكن تتيح على الأغلب لمُعظم المُهتمين المُتابعة، لكن حماس باسل لنشر الفائدة لأكبر قدر ممكن من الناس، لا حدود له.
كان باسل مُنهمكًا بإعداد التجهيزات اللازمة كي نبدأ البث المُباشر، لا أدري لماذا أتذكّر هذا المشهد كُلّما تذكّرت باسل، رُبّما لأن المشهد كان يبدو غريبًا بالفعل بمقاييس تلك الفترة. تجمّع شبابي، وسط القبضة الحديدية المُشددة على دمشق، في بلدٍ أغلقوها كعلبة الكبريت، ومررّوا خطوط اتّصالها عبر آلاف الفلاتر وأجهزة المُراقبة. في بلدٍ لا يعرف المسؤولون فيها الفرق بين المشاع الإبداعي وشارلي شابلن. لكن هُناك شاب مُتحمّس يُدعى باسل الصفدي اخترقَ كُل هذه الجدران وحاول العثور على أي منفذٍ ممكن ولو كان بحجم خرم الإبرة، كي يُحدّثنا عن المصادر المفتوحة وحُرّية تبادل ونشر المعلومات والمُصنّفات الفنّية.
كان باسل مُنهمكًا بإعداد التجهيزات اللازمة كي نبدأ البث المُباشر، لكنّه الآن في مكانٍ غامض بعد أن تم اقتياده أمس من سجنه إلى جهةٍ مجهولة. باسل يستحق أن نتضامن معه ولو عبر التوقيع على هذه الحملة، وعبر تويتر من خلال الوسم FreeBassel#. ويُمكن مُتابعة المزيد عن قضية باسل من خلال الموقع freebassel.org.
الحرية لباسل الصفدي
الحرية للبطل باسل الصفدي
فك الله أسره
الحرية لباسل الصفدي