بعد فترة طويلة من التردد والانتظار، قمتُ أخيرًا بإغلاق حسابي على فيسبوك، وانضممت إلى ركب العديد من الأصدقاء الذين قاموا بالتوقف عن استخدامه لأسباب متنوعة. سأقوم في هذا المقال بذكر أسبابي الخاصة، كما سأقوم في النهاية بالحديث عن الذي قد أفتقده بدون الفيسبوك.
1- منشورات وليست أوراقًا بحثية
تفرض طبيعة الفيسبوك وطريقة عمله أنه مساحة لتبادل الأفكار القصيرة والآراء السريعة، وليس منصة تدوين لنشر المقالات الطويلة مثل Medium أو WordPress.com. قد يبدو هذا بديهيًا لكن خطأي كان استخدام الفيسبوك لكتابة منشورات سريعة وهي عبارة عن مسودات قصيرة للحديث عن رأيي بفكرة أو ظاهرة مُعينة، بعض هذه الآراء قد تكون أحيانًا من الطبيعة المثيرة للجدل.
المشكلة هنا هو أني، كالكثيرين غيري، قمت بإهمال التدوين التقليدي واستخدام الفيسبوك لكتابة الأفكار بشكل مُختصر ولحظي. هذا النوع من النشر السهل مع إمكانية الحصول على تفاعل فوري على ما تكتبه يجعلك تستسهل كتابة فكرة ما بشكل منشور بدل كتابتها بشكل تفصيلي كتدوينة، وهذا سبب لي عدة مشاكل، منها إهمال هذه المدونة، ومنها -وهذا الأسوأ- إضاعة الوقت في خوض نقاشات مطوّلة ولا فائدة منها ضمن التعليقات مع أشخاص أساؤوا فهم المنشور أو جزء منه. وكون طبيعة منشورات الفيسبوك لا تسمح بالتوسّع والتفصيل فإن الاختصار يُضر بفكرتك حتمًا، ولن تتاح لك فرصة شرح كل كلمة أو فكرة ضمن المنشور.
البعض يُعامل منشوراتك المختصرة على أنها أوراق بحثية كاملة، ويبدأ بتحوير كلامك وحرفه عن مساره ضمن التعليقات ثم التوسع في كل نقطة، فترى بأنك تقضي الساعات في كتابة تعليقات على تعليقات على تعليقات على أفكار أُسيء فهمها أساسًا، لأن طبيعة المنشور المختصرة لا تسمح للتوسع بها. البعض لا يأخذ هذا بعين الاعتبار للأسف.
أعترف أني أخطأت بطرح قضايا عميقة على فيسبوك فالمنصة لا تحتمل ذلك أساسًا حيث يتحول أي منشور بسهولة إلى مُشاحنات مُتعِبة تلتهم الوقت والجهد.
2- أسوأ طريقة لمتابعة الأخبار
من بين الأسباب التي أبقتني ضمن عالم الفيسبوك لسنوات هي أني كنت أعتقد أنه طريقة ممتازة لمتابعة الأخبار كونه يعرض لي أخبارًا من المفترض أنها تُثير اهتمامي لأنها قادمة من دائرة معارفي ممن أمتلك معهم الكثير من الاهتمامات المشتركة.
بعد فترة اكتشفت بأن فكرة متابعة الأخبار من دائرة معارف واحدة هي فكرة سيئة، كما اكتشفت بأن الغالبية العظمى من الروابط التي تتم مشاركتها هي روابط تافهة أو تحتوي على معلومات خاطئة تمامًا، أو -بأفضل الأحوال- فهي تُقدم لك الأخبار والمعلومات بطريقة عشوائية وغير مُنظمة وبكثافة عالية. كثافتها تجعلك تعتقد أنك مُطّلع على كل ما يجب الاطّلاع عليه، لكن عدم تنظيمها وعشوائيتها تعني أنك لو عدتَ إلى وسائل أكثر تقليدية ومُختارة بعناية لمتابعة الأخبار وقراءة المقالات والتحليلات، ستتمكن من رفع نوعية ما تقرأه بشكل كبير، وتُبقى مُطّلعًا على المزيد من القضايا، مع قضاء وقت أقل بالمُجمل.
3- تقنين قنوات الاتصال
خدمة الدردشة Facebook Messenger هي من أكثر خدمات فيسبوك إزعاجًا. المشكلة الأسوأ هي أنك لا تستطيع تعطيلها تمامًا. صحيح أنك تستطيع إغلاق الدردشة من الويب، وعدم تثبيت التطبيق على الهاتف، لكن الرسائل ستظل تصلك وسيعتقد الآخرون أنك تتجاهل الرد عليهم بشكل مقصود.
الوقت لا يسمح بكل هذا الطوفان من تطبيقات المراسلة، والمشكلة أن الكثير من الأشخاص يستسهل استخدام فيسبوك مسنجر للتواصل حول قضايا هامّة من الأجدر أن تجري عبر البريد الإلكتروني مُعتقدًا أنه بهذه الطريقة سيحصل على الإجابة بشكل أسرع بينما العكس صحيح تمامًا -بالنسبة لي على الأقل-. مشكلة الفيسبوك مسنجر سببت لي العديد من المشاكل والإحراجات كوني لا أستخدم التطبيق على هاتفي، ولا أفتح الفيسبوك من الكمبيوتر إلا قليلًا، وإذا فعلت فالدردشة لدي مُغلقة. لكني ولدى فتح الدردشة لإلقاء نظرة بدافع الفضول، أجد سيل الرسائل موجودًا، ومعظمها أشياء كنت سأرد عليها بشكل فوري لو وصلتني عبر البريد الإلكتروني. لا أدري لماذا يكره الناس البريد الإلكتروني!
أسباب أخرى متنوعة
توجد الكثير من الأسباب الأخرى المتنوعة، منها إضاعة الوقت حيث تدخل إلى فيسبوك لهدف مُعين فتجد نفسك لا شعوريًا وقد غرقت في سيل المنشورات لفترة زمنية لا يُستهان بها. هناك أيضًا أسباب تتعلق بالخصوصية حيث أرى أن الفيسبوك سيء جدًا من هذه الناحية. أضف إلى هذا بعض الأسباب “المبدأية” التي لا مجال للتوسع بها الآن، منها أن الفيسبوك يبتلع الإنترنت فعلًا حيث تكاد الإنترنت تُصبح مُرادفًا لفيسبوك. وأنا ببساطة لا أُريد أن أكون جزءًا من عالم الإنترنت الذي يبتلعه الفيسبوك.
أشياء سأخسرها من ترك الفيسبوك
سأخسر متابعة منشورات العديد من الأصدقاء الرائعين، معظمهم كانوا أساسًا مدوّنين لكن تركوا مدوّناتهم وانتقلوا للنشر عبر فيسبوك فقط. سأخسر البقاء على الاطلاع ببعض أبرز الأحداث العائلية، وسأخسر متابعة التعليقات الطريفة على الأحداث العالمية السياسية والتي تجعل ابتلاع بعض الأحداث الكارثية أسهل وأخف.
العودة إلى التدوين … وتويتر
الخبر الجيد هو أنه لدي الكثير مما أقوله، وسأقوله هنا على هذه المدونة. كما أني سأعود للتواجد على تويتر الذي كان وسيلة تواصلي المُفضلة قبل أن تُصبني حُمّى الفيسبوك.
هل أنت أيضًا ممن غادر ركب الفيسبوك؟ شاركنا بأسبابك ضمن التعليقات.
غادرت الفيس (الفيس:اختصار متداول للفيسبوك) و لله الحمد منذ أكثر من سنة….. حيث حذفت جميع منشوراتي السابقة و ابقيت الحساب مفتوحا و لكن لا ادخله مطلقاً!…… دفعني إلى ذلك حالة التشبيح من “ثوار الفيس” الذين تلونوا بإتجاه فكري يوافق الجهات التي سيطرت على إعلام الثورة ( و لا تملك شبرا واحداً على أرض سوريا)…. حيث تبين لي بعد النقاش و الجدال معهم لسنوات عديدة إن لا فائدة من الجدال…. و ان الماكينات الإعلامي هي التي تقود أفكارهم بشكل مطلق مع الأسف…..
ثم انتقلت حالة التشبيح لمستوى جديد عندما تمت مطالبتي من مدير منظمتي(والتي تدعي الثورية!) بأن اذودهم بحسابي الشخصي للفيس! … للتأكد أن منشوراتي تتناسب مع وجهة نظرهم السياسية!
إي إن التهديد وصل للقمة عيشي! …. أدركت حينها أن رحلتي مع الفيس إنتهت…. فلا الحقائق استطاعت إن تقف في وجه إعلام الثورة الموجه….. و انا من جهة اخرى لم أعد احتمل الجدال من أجل الجدال…. ناهيك عن التهديد بلقمة العيش في النهاية…… علماً إني كنت انشر باسمي الحقيقي في مناطق النظام ضد النظام طبعاً….
أهلا مجددا أنس!
يسعدني أن أقرأ لك مجددا هنا.
بالنسبة لي فقد جربت في البداية استخدام حسابين فيس بوك واحد للعائلة والأقارب والأصدقاء، وآخر للاهتمامات ومن أعرفهم من باب تشارك الاهتمام.
وجدت نفسي تلقائيا أتوقف عن استخدامهما لأسباب قريبة.. طبيعة النقاشات، طبيعة المنشورات، خبر وفاة قريب يليه كيك عيد ميلاد آخر، حجم التواصل هناك.. كذلك بالطبع نموذج البيزنس للفيس بوك القائم على ابتلاع الشبكة والمجتمعات نفسها..
وأنا أيضا أهملت الفيسبوك منذ عام تقريبا لنفس الأسباب تقريبا إضافة إلى عدم وجود وقت إضافي لجلسات الفيس .. لكنني أعود إليه من وقت لآخر عندما أشتاق لبعض الأصدقاء .. المشكلة أن كل الأخبار صارت سببا جديدا للشعور بالإحباط في زمن انتصارات الشبيحة بكل أسف .. تحياتي
همّة مباركة 🙂
أغلقتُ حسابي على فيسبوك منذ عامين تقريبا، كانت التجربة مشابهة للخروج من ضوضاء حفل صاخب استمر لساعات، في البداية استمر ضجيج تلك الاصوات في عقلي، وصمّ الصمتُ أذنيّ! لكن بعد أن ألفتُ الهدوء لم أرغب بالعودة، بل حذفتُ حساب فيسبوك نهائيا، وكانت النشاطات التي حلّت مكانه مثمرة للغاية.
كتبتُ عن تجربتي في مدونتي:
http://bit.ly/2CMIVFc
أقدمت على نفس الخطوة أيضًا في 2016، ولم أكن نادمًا أبدًا عليها.
الأسباب كثيرة لكن من أهمّها كان تجميل الواقع، الناس جميعها تسعى لتجميل الواقع والتغنّي به علنًا وأنت تعلم أنه مُجرّد كذب. المشكلة لم تكن هنا، بل بأنني شيئًا فشيئًا اندفعت خلف هذا التيّار، لذا قرّرت وقتها النجاة وعدم الميل لتجميل الواقع والعيش به كما هو.
ولا يجب نسيان الوقت الطويل الذي يُمكن أن نقضيه دون أن نشعر، وبكل تأكيد جمعة العيلة، محادثات مسنجر والواجب الاجتماعي فيها 🙂
الحمدلله، عطلت حسابي على الفيس بوك للتو، لكن هناك اي طريقة لحذف الحساب نهائيا؟
أنا أحترم رأيك، ولكن صدقني المشكل ليس فيسبوك ولكن المشكل هو أنت. موقع فيسبوك لا يجبرك على دخول و رد على رسائل. يمكنك توضيح ذلك بأصدقائك عبر نشر توضيح. و بما أنك مدون فضروري تملك حساب فيسبوك أو على أقل صفحة في حالة كان لك اهداف طويلة المدى وكسب جمهور.
أما ما فعلته أنت هو فقط الهروب لأنك مازلت لا تتقن فن تكييف. كان عليك التكيف مع وضع لا الهروب منه.
بالتوفيق.
عوده حميده .. والمدونه نورت . بصاحبها أنس 🙂 وهو انس.. الفيس بوك انا بعتبره منصه للاستهداف الجماهيري وده الغرض الأساسي منه .. ده بيفيد أصحاب الاعلانات وفي نفس الوقت بيضيع فلوسهم ولكن بالنسبه المدونين المفروض انه اداه مساعده لنشر عناوين التدوينات الخاصه بهم مع ارفاق الروابط الخاصه به
اتمني لك كل التوفيق 🙂