بعد تفكير، وجدت بأنني كنت مخطئًا خلال الفترة الماضية بمهاجمتي لمن يوصفون بالرماديين وهم معارضي الثورات أو الخائفين منها أو المترددين بشأنها ممّن لا يعتبرون من مؤيدي الأنظمة القمعية في ذات الوقت. اكتشفت هذا بعد دخولي في الكثير من النقاشات معهم لأكتشف شيئًا يغيب عن بال الكثيرين (ومنهم أنا) لدى الحديث عن الرماديين والرمادية: هؤلاء المساكين جهلة بشكل من الأشكال ويحتاجون إلى حملة تثقيف وتوعية جادة وحقيقية وليس إلى حملات انتقاد.
المشكلة أنهم لا يعرفون معنى (حقوق الإنسان)، لا يعرفون ماهي حقوقهم المفترضة كبشر، لا يفهمون ماذا تعني مصطلحات مثل (نظام شمولي) أو (نظام قمعي)، لا يفهمون لماذا تثير ضحكنا وسخريتنا بعض المصطلحات مثل (تجديد البيعة) أو (باني سوريا الحديثة)، لا يفهمون لماذا نضحك، لا يعرفون لماذا هو أمر خاطىء أن يتم تعديل دستور خلال ربع ساعة.
هؤلاء لا يفهمون معنى كلمة (دولة أمنية) طالما لم يكتووا بنارها بشكل مباشر وشخصي. هؤلاء يعتقدون أنه من الطبيعي أن تجد صورة رئيس دولتك على جميع الكتب المدرسية وفي الدوائر الحكومية وغير الحكومية. يعتقدون ذلك وهم بكامل قواهم العقلية ويمر عليهم الأمر مرور الكرام كأنه شيء طبيعي!
لم يتساءل أحد من هؤلاء يومًا عن معنى كلمة (الإعلام الحر)، لم يسأل أحد منهم نفسه يومًا: “لماذا ليس لدينا وسائل إعلام خاصة أسوةً بغيرنا من الدول”. أسئلة بسيطة جدًا وبديهية جدًا لم يخطر على بالهم حتى مجرد التفكير بها.
لا يدرك هؤلاء معنى أن يتم اعتقال أحدهم بدون إذن رسمي من القضاء، ولا أن يُحرم أحدهم من حق توكيل محامي .. وأمور كثيرة غير ذلك. إنهم ببساطة لا يفهمون … لا يعرفون.
بالطبع هناك من يفهم أو يعرف لكن لديه أسباب أخرى لسنا بصددها. لكن نسبة كبيرة لا تعرف فعلاً. ليس سرًا بأن سوريا فيها نسبة عالية من الجهل، منه ماهو جهل حقيقي (أمّية، تعليم سيء) ومنه ماهو بالجهل المقنّع (درجة علمية جيدة لكن جهل كامل بكل ما لا يتعلق بمجال الاختصاص). ولا شك أن النظام ساهم خلال العقود الماضية بتعمد زرع هذا النوع من الجهل وزرع ثقافة (أنا عايش، أنا بروح عالشغل وبرجع كل يوم، أنا مو ميت من الجوع = أنا منيح)، وهي الثقافة الموجودة داخل غالبية هؤلاء.
نحتاج إلى حملات توعية جادة موجهة لهؤلاء، وسأبدأ بالتفكير جديًا في عمل شيء ضمن هذا الاتجاه.
لا أعتقد بأنهم سيفهمون..فبعد كل الذي حصل من مجازر لم تتغير نظرتهم للواقع و لن تتغير حتى لو تعلموا ما معنى ان يعيش الأنسان حرا
جيد جيداً … لكن :: ” (أنا عايش، أنا بروح عالشغل وبرجع كل يوم، أنا مو ميت من الجوع = أنا منيح) ” ….. في البداية فهو يفكر باستعادة هذه الأمور قبل اي شئ آخر … و لا أعتقد أنه قادر حتى على التفكير بكلام حضرتك حاليا لأنه وببساطة قد فقد ” رفاهيته ” فما بالك تطلب منه التفكير بما يعتبره أصلاً ” علاك مصدي ” ..
فعلا الموقع دة متميز للغاية ، وأرغب في المزيد والمزيد من الموضوعات المهمة
هل انت جاد بما تقول؟ الثوار الان اعلنوا ارادتهم باقامة الخلافة الاسلامية في سوريا. طبعا قد افهم هذا الامر نتيجة قلة التعلم والجهل لاكن مالا افهمه هو خيانتهم اللامحدودة والتي ادت لمجزرة الكيماوي المسؤول عنها بلاشك امريكا التي مازالت تحقق المكاسب دون ان تقدم لهم شيء
من تحدث عن الدولة الإسلامية ليس الثوار، بل الثوار أول من يقف ضدهم ويعارضهم الآن، يبدو أنك لست على أدنى اطّلاع بالوضع. أما كلامك عن مسؤولية أمريكا عن مجزرة الكيماوي فهو يعني أنك لا تستحق الرد عليك أصلا!
فعلاً الموقع ممتاز ومفيد جداً لكم منى اجمل تحية
مقال جد رائع أنس 🙂
المشكل ليس جهل تعليمي ولكن جهل سياسي وجهل بوضع العالم العربي وهي مشكلة كل الدول العربية ليس سوريا فقط ، هم الفرد من الشعب أن يأكل ، يشتغل وينام وبالنسبة لبقية القضايا يغض عليها البصر كأنها لا تخصه ، للأسف الشعب العربي مزال في سبات عميق ، ولابد من التوعية مهما كان الثمن